فصل: فصل: إن طلق امرأته وهي حامل فوضعت ولدًا ثم ولدت آخر قبل مضي ستة أشهر‏ فهو من الزوج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

ومن ولدت امرأته ولدا لا يمكن كونه منه في النكاح لم يلحقه نسبه ولم يحتج إلى نفيه لأنه يعلم أنه ليس منه‏,‏ فلم يلحقه كما لو أتت به عقيب نكاحه لها وذلك مثل أن تأتي به لدون ستة أشهر من حين تزوجها‏,‏ فلا يلحق به في قول كل من علمنا قوله من أهل العلم لأننا نعلم أنها علقت به قبل أن يتزوجها وإن كان الزوج طفلا له أقل من عشر سنين فأتت امرأته بولد‏,‏ لم يلحقه لأنه لم يوجد ولد لمثله ولا يمكنه الوطء وإن كان له عشر فحملت امرأته‏,‏ لحقه ولدها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏واضربوهم على الصلاة لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع‏)‏ وقال القاضي‏:‏ يلحق به إذا أتت به لتسعة أعوام ونصف عام مدة الحمل لأن الجارية يولد لها لتسع‏,‏ فكذلك الغلام وقال أبو بكر‏:‏ لا يلحقه حتى يبلغ لأن الولد إنما يكون من الماء ولا ينزل حتى يبلغ ولنا أنه زمن يمكن البلوغ فيه فيلحقه الولد‏,‏ كالبالغ وقد روي أن عمرو بن العاص وابنه عبد الله‏,‏ لم يكن بينهما إلا اثنا عشر عاما وأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتفريق بينهم دليل على إمكان الوطء الذي هو سبب الولادة‏,‏ وأما قياس الغلام على الجارية فغير صحيح فإن الجارية يمكن الاستمتاع بها لتسع عادة‏,‏ والغلام لا يمكنه الاستمتاع لتسع وقد تحيض لتسع وما عهد بلوغ غلام لتسع ولو تزوج رجل امرأة في مجلس‏,‏ ثم طلقها فيه قبل غيبته عنهم ثم أتت امرأته بولد لستة أشهر من حين العقد أو تزوج مشرقي بمغربية‏,‏ ثم مضت ستة أشهر وأتت بولد لم يلحقه وبذلك قال مالك‏,‏ والشافعي وقال أبو حنيفة‏:‏ يلحقه نسبه لأن الولد إنما يلحقه بالعقد ومدة الحمل ألا ترى أنكم قلتم‏:‏ إذا مضى زمان الإمكان‏,‏ لحق الولد وإن علم أنه لم يحصل منه الوطء ولنا أنه لم يحصل إمكان الوطء بهذا العقد فلم يلحق به الولد‏,‏ كزوجة ابن سنة أو كما لو ولدته لدون ستة أشهر وفارق ما قاسوا عليه لأن الإمكان إذا وجد لم يعلم أنه ليس منه قطعا‏,‏ لجواز أن يكون وطئها من حيث لا يعلم ولا سبيل لنا إلى معرفة حقيقة الوطء فعلقنا الحكم على إمكانه في النكاح‏,‏ ولم يجز حذف الإمكان عن الاعتبار لأنه إذا انتفى حصل اليقين بانتفائه عنه فلم يحز إلحاقه به مع يقين كونه ليس منه وإن ولدت امرأة مقطوع الذكر والأنثيين‏,‏ لم يلحق نسبه به في قول عامة أهل العلم لأنه يستحيل منه الإنزال والإيلاج وإن قطعت أنثياه دون ذكره فكذلك لأنه لا ينزل ما يخلق منه الولد وقال أصحابنا‏:‏ يلحقه النسب لأنه يتصور منه الإيلاج وينزل ماء رقيقا ولنا أن هذا لا يخلق منه ولد عادة‏,‏ ولا وجد ذلك فأشبه ما لو قطع ذكره معهما ولا اعتبار بإيلاج لا يخلق منه الولد‏,‏ كما لو أولج إصبعه وأما قطع ذكره وحده فإنه يلحقه الولد لأنه يمكن أن يساحق فينزل ماء يخلق منه الولد ولأصحاب الشافعي اختلاف في ذلك‏,‏ على نحو ما ذكرنا من الخلاف عندنا قال ابن اللبان‏:‏ لا يلحقه الولد في هاتين الصورتين في قول الجمهور وقال بعضهم‏:‏ يلحقه بالفراش وهو غلط لأن الولد إنما يلحق بالفراش إذا أمكن ألا ترى أنها إذا ولدت بعد شهر منذ تزوجها لم يلحقه وهاهنا لا يمكن لفقد المني من المسلول‏,‏ وتعذر إيصال المني إلى قعر الرحم من المجبوب ولا معنى لقول من قال‏:‏ يجوز أن تستدخل المرأة مني الرجل فتحمل لأن الولد مخلوق من مني الرجل والمرأة جميعا ولذلك يأخذ الشبه منهما‏,‏ وإذا استدخلت المني بغير جماع لم تحدث لها لذة تمنى بها فلا يختلط نسبهما‏,‏ ولو صح ذلك لكان الأجنبيان الرجل والمرأة إذا تصادقا أنها استدخلت منيه وأن الولد من ذلك المني يلحقه نسبه‏,‏ وما قال ذلك أحد‏.‏

فصل‏:‏

وإن طلق امرأته وهي حامل فوضعت ولدا ثم ولدت آخر قبل مضي ستة أشهر‏,‏ فهو من الزوج لأننا نعلم أنهما حمل واحد فإذا كان أحدهما منه فالآخر منه وإن كان بينهما أكثر من ستة أشهر‏,‏ لم يلحق الزوج وانتفى عنه من غير لعان لأنه لا يمكن أن يكون الولدان حملا واحدا وبينهما مدة الحمل فعلم أنها علقت به بعد زوال الزوجية‏,‏ وانقضاء العدة وكونها أجنبية فهي كسائر الأجنبيات وإن طلقها‏,‏ فاعتدت بالأقراء ثم ولدت ولدا قبل مضي ستة أشهر من آخر إقرائها لحقه لأننا تيقنا أنها لم تحمله بعد انقضاء عدتها‏,‏ ونعلم أنها كانت حاملا به في زمن رؤية الدم فيلزم أن لا يكون الدم حيضا فلم تنقض عدتها به وإن أتت به لأكثر من ذلك‏,‏ لم يلحق بالزوج وهذا قول أبي العباس بن سريج وقال غيره من أصحاب الشافعي‏:‏ يلحق به لأنه يمكن أن يكون منه والولد يلحق بالإمكان ولنا أنها أتت به بعد الحكم بانقضاء عدتها‏,‏ في وقت يمكن أن لا يكون منه فلم يلحقه كما لو انقضت عدتها بوضع الحمل‏,‏ وإنما يعتبر الإمكان مع بقاء الزوجية أو العدة وأما بعدهما فلا يكتفى بالإمكان للحاقه‏,‏ وإنما يكتفى بالإمكان لنفيه وذلك لأن الفراش سبب ومع وجود السبب يكتفى بإمكان الحكمة واحتمالها‏,‏ فإذا انتفى السبب وآثاره فينتفي الحكم لانتفائه ولا يلتفت إلى مجرد الإمكان والله أعلم فأما إن وضعته قبل انقضاء العدة لأقل من أربع سنين‏,‏ لحق بالزوج ولم ينتف عنه إلا باللعان وإن وضعته لأكثر من أربع سنين من حين الطلاق وكان بائنا‏,‏ انتفى عنه بغير لعان لأننا علمنا أنها علقت به بعد زوال الفراش وإن كان رجعيا فوضعته لأكثر من أربع سنين منذ انقضت العدة فكذلك لأنها علقت به بعد البينونة وإن وضعته لأكثر من أربع سنين منذ الطلاق‏,‏ ولأقل منها منذ انقضت العدة ففيه روايتان‏:‏ إحداهما - لا يلحقه لأنها لم تعلق به قبل طلاقها فأشبهت البائن والثانية‏,‏ يلحقه لأنها في حكم الزوجات في السكنى والنفقة والطلاق والظهار والإيلاء والحل في رواية فأشبه ما قبل الطلاق‏.‏

فصل‏:‏

فإن غاب عن زوجته سنين‏,‏ فبلغتها وفاته فاعتدت ونكحت نكاحا صحيحا في الظاهر‏,‏ ودخل بها الثاني وأولدها أولادا ثم قدم الأول‏,‏ فسخ نكاح الثاني وردت إلى الأول وتعتد من الثاني‏,‏ ولها عليه صداق مثلها والأولاد له لأنهم ولدوا على فراشه روي ذلك عن علي رضي الله عنه وهو قول الثوري وأهل العراق‏,‏ وابن أبي ليلى ومالك وأهل الحجاز‏,‏ والشافعي وإسحاق وأبي يوسف‏,‏ وغيرهم من أهل العلم إلا أبا حنيفة قال‏:‏ الولد للأول لأنه صاحب الفراش لأن نكاحه صحيح ثابت‏,‏ ونكاح الثاني غير ثابت فأشبه الأجنبي ولنا أن الثاني انفرد بوطئها في نكاح يلحق النسب في مثله فكان الولد له دون غيره‏,‏ كولد الأمة من زوجها يلحقه دون سيدها وفارق الأجنبي فإنه ليس له نكاح‏.‏

فصل‏:‏

وإن وطئ رجل امرأة لا زوج لها بشبهة‏,‏ فأتت بولد لحقه نسبه وهذا قول الشافعي وأبي حنيفة وقال القاضي‏:‏ وجدت بخط أبي بكر أنه لا يلحق به لأن النسب لا يلحق إلا في نكاح صحيح‏,‏ أو فاسد أو ملك أو شبهة ملك‏,‏ ولم يوجد شيء من ذلك ولأنه وطء لا يستند إلى عقد فلم يلحق الولد فيه بالوطء‏,‏ كالزنا والصحيح في المذهب الأول قال أحمد‏:‏ كل من درأت عنه الحد ألحقت به الولد ولأنه وطء اعتقد الواطئ حله فلحق به النسب كالوطء في النكاح الفاسد وفارق وطء الزنا‏,‏ فإنه لا يعتقد الحل فيه ولو تزوج رجلان أختين فغلط بهما عند الدخول فزفت كل واحدة منهما إلى زوج الأخرى‏,‏ فوطئها وحملت منه لحق الولد بالواطئ لأنه وطء يعتقد حله‏,‏ فلحق به النسب كالوطء في نكاح فاسد وقال أبو بكر‏:‏ لا يكون الولد للواطئ وإنما يكون للزوج وهذا الذي يقتضيه مذهب أبي حنيفة‏,‏ لأن الولد للفراش ولنا أن الواطئ انفرد بوطئها فيما يلحق به النسب فلحق به كما لو لم تكن ذات زوج وكما لو تزوجت امرأة المفقود عند الحكم بوفاته ثم بان حيا‏,‏ والخبر مخصوص بهذا فنقيس عليه ما كان في معناه وإن وطئت امرأته أو أمته بشبهة في طهر لم يصبها فيه فاعتزلها حتى أتت بولد لستة أشهر من حين الوطء‏,‏ لحق الواطئ وانتفى عن الزوج من غير لعان وعلى قول أبي بكر‏,‏ وأبي حنيفة يلحق بالزوج لأن الولد للفراش وإن أنكر الواطئ الوطء فالقول قوله بغير يمين ويلحق نسب الولد بالزوج لأنه لا يمكن إلحاقه بالمنكر‏,‏ ولا تقبل دعوى الزوج في قطع نسب الولد وإن أتت بالولد لدون ستة أشهر من حين الوطء لحق الزوج بكل حال لأننا نعلم أنه ليس من الواطئ وإن اشتركا في وطئها في طهر فأتت بولد يمكن أن يكون منهما لحق الزوج لأن الولد للفراش‏,‏ وقد أمكن كونه منه وإن ادعى الزوج أنه من الواطئ فقال بعض أصحابنا‏:‏ يعرض على القافة معهما فيلحق بمن ألحقته منهما فإن ألحقته بالواطئ لحقه ولم يملك نفيه عن نفسه‏,‏ وانتفى عن الزوج بغير لعان وإن ألحقته بالزوج لحقه ولم يملك نفيه باللعان في أصح الروايتين والأخرى‏,‏ له ذلك وإن ألحقته بهما لحق بهما ولم يملك الواطئ نفيه عن نفسه وهل يملك الزوج نفيه باللعان‏؟‏ على روايتين وإن لم توجد قافة‏,‏ أو أنكر الواطئ الوطء أو اشتبه على القافة لحق الزوج لأن المقتضي للحاق النسب به متحقق‏,‏ ولم يوجد ما يعارضه فوجب إثبات حكمه ويحتمل أن يلحق الزوج بكل حال لأن دلالة قول القافة ضعيفة ودلالة الفراش قوية‏,‏ فلا يجوز ترك دلالته لمعارضة دلالة ضعيفة‏.‏